مقدمة :
قد تكون دعوة المؤرخ الفرنسي فرناد بروديل fernand braudel إلى العلوم الانسانيه بضروره قلب الساعه الرمليه في كافه الاتجاهات ضروريه للغايه لفهم طبيعه العلاقات المفترضه بين المنظومه الاعلاميه والاتصاليه من جهه وفكره التنوع الثقافي من جهه ثانيه ذلك انه لا ثقافة دون توسيط اعلامي ولا هويه بلا ترجمه( ماتلار 2008) فالثقافه بما هي تعبيرات رمزيه وماديه عن ادراك للذات الجماعيه تتوسل بذاتها فعل التواصل مع المحيط والاخر.
ان العلاقه بين الاعلام والاتصال والتنوع الثقافي تنفتح على اكثر من مشغل معرفي وحقل فكري من انثروبولوجيا الاتصال (Winkin 1996) إلى الأثنوغرافيا ومن الدراسات الثقافية إلى اركيولوجية المعرفة، ومنها أيضا إلى علوم الإعلام والإتصال في شكلها العام بما هي دراسة وتقصّ للمضامين والمنظومات والتمظهرات الإعلامية والاتصالية وبحث في سياق الإنتاج وميكانيزمات التلقي.
ولئن ارتسم منطق ومنطوق( التنوع الثقافي) كحاله الاستدعائيه صلب هياكل الامم المتحده والاتحاد الاوروبي ضد تصورات السلعنة وقوانين العرض والطلب وتناقضا مع مقوله الصناعه الثقافيه والامركه فان التنوع الثقافي تبيئته كحاله استقرائيه لمقوله التنوع والتعدد اللغوي والأثني والفلكلوري الرمزي في مجتمع او مجتمعات معينه او ما يعبر عنه بالتعدد (صلب الوحده)
وبمنأى عن المسلكية اليوتوبية Utopique ، للتحميك الأداتية بين الاعلام والتنوع الثقافي يتوسط التنوع الثقافي سرديتين موغلتين في الإنغلاق : السردية الأولى هي سردية <الأحادية الثقافية > بأشكالها المتناقضة الأحادية المحلية الرافضة للتغاير والأحادية العالمية تخت مسمى العولمة.
وفي كلتى المسلكتين أدى الإعلام والصناعات السينمائية الكبرى والقوة الناعمة دورا في الانميط والقولبة.
اما السردية الثانية فهي سردية <تشظي الهويات > وفق تعبير الفيلسوف الكندي - ويل كيمليكا 2009-2012 أو استيلاد الهويات المفترسة > وفق تصور الفيلسوف الهندي أرجون اباردي وقد كانت وسائل الإعلام الجماهيري الاداه الاساسيه في تقسيم الهويه الجماعيه الى هويه فرعيه متناحره( التجربة اليوغسلافية والرواندية أبان الحرب العرقية في كلا البلدين ).
على ضوء هذا الجدل الفكري، نقترح هذا الطرح الاشكالي الذي يدفع الى النظري في طبيعه الدور الذي يمكن ان تلعبه المنظومات الاعلاميه والاتصاليه في الاعتراف بالتنوع الثقافي واثرائه: فإلى أي مدى يمكن لوسائل الإعلام والإتصال اليوم أن تساهم في إداره وتدبير التنوع الثقافي في المجتمع؟